ملخص تنفيذي
ما هي الآثار والتعقيدات التي تتعرض لها سوريا الآن نتيجة الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا؟ إن الأثر المباشر الأشدّ وضوحاً حتى الآن هو فرض الحكومة السورية تدابير تقشفية مالية صارمة تحت تأثير الصدمة الاقتصادية العالمية. كما أن الأحداث الحالية في أوكرانيا قد تؤدي إلى ارتفاع خطورة التصعيد العسكري بين روسيا وخصومها في سوريا، وازدياد مساحة التأثير الإيراني، وتجنيد سوريين كمرتزقة أجانب، ومضاعفات عميقة للدبلوماسية الخارجية؛ وهي عقبة في وجه السياسية السورية وتجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود. وبسبب توقع مزيدٍ من التأثيرات، يراقب مركز التحليلات العملياتية والأبحاث COAR الأحداث أثناء تكشُّفها.
أهم الخلاصات
- بلغت الأزمة الاقتصادية السورية حداً تبين معه أن التدابير التقشفية المتخذة مؤخراً في الاستجابة للاضطراب الناتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا كانت أمراً لا مناص منه أصلاً، بغض النظر عن أحداث أوروبا الشرقية.
- بعد أن خطت الحكومة السورية خطوات تدريجية باتجاه التطبيع الدبلوماسي الإقليمي في عام 2021، فإن انحيازها إلى روسيا سيزيد من كونها حكومة منبوذة، مما يحد من خيارات الدعم السياسي والدبلوماسي والمالي. وقد تملأ إيران، التي تكافح لتحسين علاقاتها مع الغرب، أي فراغ تُخلفه روسيا، من خلال استثماراتها ذات رؤوس الأموال المكثفة على سبيل المثال.
- ليس هناك كثيرٌ من الأدلة في سوريا حالياً على تصاعد العنف بين روسيا وخصومها بشأن أوكرانيا، ولم تكن هناك أي عواقب ذات أي أهمية فورية على استجابة سوريا حتى الآن.
- ومع هذا فإن هناك ما يُسوغ المخاوف من أن المأزق في أوكرانيا سيكون له آثار جيوستراتيجية غير مباشرة على سوريا. وقد تسعى روسيا إلى الضغط على تركيا على وجه الخصوص، أحد أعضاء الناتو(حلف شمال الأطلسي) وأحد الوسطاء الأساسيين في القضية الأوكرانية، وذلك من خلال التصعيد في إدلب والتهديد بموجة من اللاجئين.
- كما أن الجهات المسلحة المحلية في حالة تأهب قصوى في كافة أرجاء سوريا، كما تزداد مخاطر وقوع تقديرات خاطئة ومواجهات عنيفة واشتباكات محلية.
- كلما طالت الأزمة في أوكرانيا سيزيد احتمال تجنيد سوريين وإرسالهم كمرتزقة من قبل جميع أطراف النزاع.
- من المرجح أن تصل العملية السياسية السورية -التي تحتضر أصلاً- إلى طريق مسدود طالما أن الأزمة في أوكرانيا تستهلك الاهتمام الدولي.
- وفي ذات الوقت أصبحت آلية إيصال المساعدات عبر الحدود الآن أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى. ومع تقلص آفاق الدبلوماسية، من المرجح أن تستخدم موسكو مسألة تجديد الآلية كورقةٍ للضغط في مقابل مزيد من التنازلات الكاسحة فيما يخص إيصال المساعدات عبر الحدود.
- ومع أن الدعم الغربي المتحمس للأوكرانيين مثار إعجاب إلّا أنه يكشف القيود المتزايدة والدعم المتراجع والمساعدات المالية المتناقصة للكثير من السوريين في داخل البلد وخارجه. ستُجبر الحكومات المانحة على مواجهة هذه العوامل في سعيها للحفاظ على ثقة الشعب السوري على المدى الطويل.
مقدمة
كما هو الحال في أي حدث جَلَل مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن المعلقين معتادون على التكهن حول رقعة الشطرنج الجيوسياسية. إذ يبدو أن عدد الخبراء في الشأن الروسي يفوق عدد أفراد الجيش الروسي، غير أن قلة منهم قد فكروا بالعواقب على سوريا فيما سوى مسألتين تستدعيان اهتماماً فورياً. أولاهما أن القنابل الروسية الملقاة على حلب والغوطة الشرقية يتردد صداها عالياً في شوارع أوكرانيا، وأن على المجتمع الدولي أن يعتبر بالمثال المأساوي لهذه المناطق وغيرها في سوريا في رده على العدوان الروسي. والثانية أن روسيا تعارض معارضة مباشرة (أو تتحالف تحالفاً مضطرباً مع) منافسيها في أوكرانيا حول مجموعة من القضايا في سوريا، وهذا الأمر يُغذي القلق من أن المواجهة بين روسيا والزمرة العالمية المناصرة لأوكرانيا سيمتد أثرها إلى سوريا بطرق قد تشعل النزاع من جديد، وتُحبط العملية السياسية، وتقوض الاستجابة للأزمة السورية متعددة الأبعاد.
إن وصف مصير سوريا بأنه متشابك مع مصير أوكرانيا ليس سوى نقطة بداية. فإذا تحولت سوريا من جديد إلى ميدان للمنافسة الدولية، فعلى جهات الاستجابة مواجهة جذور هذه المنافسة وآثارها. وبالطبع هناك كثير من القرارات التي يجب اتخاذها، ولن تتبين الآثار الحقيقية لحرب بوتين إلا بمرور الزمن. ومع هذا يمكن ملاحظة اتجاهات رئيسية منذ الآن في هذه المرحلة المبكرة، وسيكون بعضها مألوفاً وبعضها الآخر جديداً نوعاً ما، ومن بينها خطر حصول عنف محلي وإقليمي بل وحتى على المستوى الوطني راكباً موجة من التحالفات الدولية؛ وتسارع تكيّف الحكومة السورية في ظل الصعوبات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة بل وربما الكارثية؛ واحتمال انخفاض الدعم الدولي للاستجابة السورية. والأهم أن ما أثار هذه القضايا كلها هو أفول حقبة سالفة في الدبلوماسية العالمية. فعلى الجهات الفاعلة في مجال الاستجابة أن تتأقلم مع الحقائق المُشكّلة لسوريا إبّان دخولها في عصر جديد من الأزمة، إذا أرادت هذه الجهات تجنيب المواطنين السوريين أسوأ آثار الأزمة.
تكيّف سياسة الحكومة السورية: تدابير معجّلة وبديلة
التقشف في الشدائد
تحسباً لنقص لا مفر منه، وارتفاع غير مسبوق في أسعار مجموعة من السلع، عقد مجلس الوزراء السوري اجتماعاً طارئاً في أواخر شهر شباط/فبراير لتنفيذ المزيد من التدابير التقشفية للتأقلم مع التأثير الداخلي للهجوم الروسي على أوكرانيا. فتم تقنين الاحتياطات الغذائية ومنتجات الوقود الأحفوري، وقد تمّ تقييد عددٍ من فئات الصادرات لتلبية الطلب المحلي، وتم الحد من إنفاق احتياطي العملات الأجنبية لإنفاقه على واردات السلع الرئيسية – كالقمح في المقام الأول – وذلك لتعويض الاضطراب الذي يجتاح الأسواق العالمية، والعجز المتزايد في السوق السورية وتراجع إجمالي الواردات من المنتجين الروس والأوكرانيين[1].COAR Global (2022) Syria Update: March 7. وهناك المزيد من التدابير التي لا تزال مطروحة على الطاولة، في سبيل إدارة تفصيلية للاقتصاد السوري ضمن مجالات الخدمات المالية والتجارة الدولية والمحلية.
وخطوة العمل الجديدة هذه التي يجري تسويقها على أنها حزمة من التعديلات المؤقتة هي استجابة ضرورية لصدمة خارجية. ولكن محتواها اعتيادي، وهو امتداد لمقدار الحيطة الشديدة لإدارة عاجزة مالياً قد فشلت طويلاً بأداء أبسط الوظائف الحكومية. إذ تشير أحدث الأرقام إلى أن حوالي 90% من سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر الآن، فيما يستمر الانعدام المزمن للأمن الغذائي لدى الملايين في كافة أرجاء البلد. ومع تقلص الميزانيات وضعف الإنفاق العام وركود الاستثمارات الأجنبية يمكن القول إن خطة العمل كانت خياراً لا مناص منه، لحكومةٍ تكافح للحفاظ على بعض مظاهر الاتزان.
يشير تباطؤ إعادة اندماج سوريا إقليمياً قبل أحداث أوكرانيا إلى أن مختلف أنواع الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي الذي تحظى به حالياً من الخارج لن يتغير تغيراً جوهرياً. قد يكون تصريح الرئيس الأسد بأن “روسيا ستعطي درساً للعالم أجمع… باحترام القانون والأخلاق العالية والمبادئ الإنسانية” تحريضياً لكثير من شركاء سوريا المحتملين، ولكنه من غير المرجح أن يُقلل عزلة بلاده في وقت اهتمام الدول الأخرى بمخاوف أهم من ذلك. ويبدو أن روسيا من جانبها قد تخلت بالكلية تقريباً عن الاستثمار البنّاء، إذ تبددت الآمال في أواخر العام المنصرم بأنها سوف تلبي قرابة ربع الاستهلاك المحلي للقمح في سوريا لعام 2022،[2]الليرة اليوم (2021) مخزون القمح في سوريا يشارف على النفاد في ظل تعطل عقود الاستيراد من روسيا. وسوريا الآن في طريقها إلى عجز مقلق في القمح نسبته 75%. لذا فإنه من المحير كيف كانت الحكومة تتوقع تلبية هذه الاحتياجات في الغياب الملحوظ للتدابير هذا الشهر. إن أحداث أوكرانيا تعفي الحكومة جزئياً من مسؤولية تنفيذ خطة العمل وتعطيها بعض المسوغات للتصحيحات التقييدية الجديدة لسياستها.
ولكن مع مرور الوقت فإن المهلة التي تسمح بها ذريعة العنف في أوكرانيا ليست إلا مهلة قصيرة للغاية. ومع استنفاد الأُسر لآليات التكيف وارتفاع مستوى السخط فإن الجريمة والاحتجاجات واللجوء إلى اقتصاد الحرب ستصبح أموراً أكثر شيوعاً.[3].COAR Global (2022) Syria Update: 14 February وقد تزداد حينئذ أعداد بؤر التوتر بين الشعب والحكومة، مما يشير مجدداً إلى أهمية المساعدات لتحفيز التعافي والتقليل من احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات. وكي تُسهم المساعدات إسهاماً مجدياً فلا بد من إعادة تقويم تصميم مشاريع المانحين وسياساتهم. ويجب إشراك الأسباب الهيكلية للضعف بصورة جوهرية أكثر مما كانت عليه حتى الآن، ويجب استكشاف سبلٍ للتعافي المبكر، وتوظيف برامج تراعي حساسية الصراع تُسخَّر فيها جميع الموارد المحلية المتاحة، ومن ضمنها الموارد التي تحت يد الحكومة السورية، والسلطات الإقليمية الأخرى، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني.
عودة طهران؟
ازداد الحديث عن عودة سوريا إلى الحظيرة الدولية طوال عام 2021، لكن اصطفاف الحكومة السورية مع روسيا بشأن أوكرانيا يعني أنها ستتحمل كثيراً من الإقصاءات الدبلوماسية والاقتصادية خلال عام 2022. غير أن إيران قد تقدم لها حبل نجاة. وقد شهد الأسبوعان الماضيان موجة من التفاعلات بين مسؤولين سوريين وإيرانيين، وكان أبرزها اجتماع ضم “علي مملوك”، نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية، و”علي شمخاني”، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في 27 شباط/فبراير. ويقال إن المحادثات ركزت على “التنسيق خلال المرحلة المقبلة”،[4].SANA (2022) As special envoy of President al-Assad, Ali Mamlouk visits Tehran and meets Shamkhani وهو ما يبدو أنه يشير إلى تعاون اقتصادي أعمق وأكثر تنوعاً.[5].Syrian Observer (2022) High-level Syrian-Iranian intelligence meeting in Tehran كما استقبل الرئيس بشار الأسد أيضاً ممثلين عن وزارة الخارجية الإيرانية في 1 آذار/مارس في دمشق، وكان هذا الحدث تتويجاً لإقامة طويلة في سوريا لوفد من وزارة الخارجية الإيرانية، والذي ركز على استعداد بلاده لدعم إعادة إعمار سوريا.[6].Press TV (2022) Iran, Syria must continue consultations on regional issues: President Assad
ومع توقع كثير من المراقبين إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) وتخفيف العقوبات المفروضة على إيران لاحقاً، فربما تتطلع الحكومة السورية إلى طهران لتعوّض جزئياً نقص أهليّتها في ظل الضغوط العالمية والمحلية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا. وليس التقدم المنتظر من خطة العمل الشاملة المشتركة مضموناً بأي حال من الأحوال. أما إذا تحررت إيران من القيود التي أنهكت اقتصادها منذ إبطال الاتفاق النووي في عام 2018، فستكون تلك لحظة مواتية لاستكشاف تعاون سوري-إيراني أعمق في مجموعة من القضايا، وسوف تتراوح هذه القضايا بين مشاريع البنية التحتية كثيفة رأس المال ومشاريع استثمارات القطاع الخاص، وتوسيع وجود المليشيات الإيرانية، في أرجاء المحافظات السورية الجنوبية بالدرجة الأولى، والمحاولات المتواصلة لتشييع المجتمعات السورية القابلة لذلك، ومواصلة إيران تسهيل صناعة المخدرات السورية.
الامتداد الجيوستراتيجي: النزاع على الخطوط الأمامية وآفاق السلام
سياسة المخاطرة الإستراتيجية الروسية
بطبيعة الحال، كان القلق من أن النزاع الممتد في أوروبا الشرقية قد يؤول إلى مواجهة أكثر عالمية بين روسيا وحلفاء أوكرانيا متركزاً على سوريا. إذ تقف روسيا، من إدلب إلى دير الزور، في مواجهة العديد من الأطراف التي تعارضها في أوكرانيا، وهو ما يولّد قلقاً من أن القوات على الجانبين قد تشعل عمداً (أو من غير عمد) العنف من جديد على طول الخطوط الأمامية في سوريا في كافة أرجاء المناطق المتنازع عليها. وليست هذه المخاوف مخاوف واهية. فقد تزايد حزم روسيا في سوريا في الأشهر المنصرمة، ولا سيما مع ارتكابها “عدداً متزايداً من الانتهاكات لبروتوكولات فض الاشتباك المبرمة بينها وبين قوات التحالف [بقيادة الولايات المتحدة]”.[7].Operation Inherent Resolve (2021) Lead Inspector General report to the US Congress (October 1 – December 31).When compared with prior review quarters ومع تقارب نشاطهم في الشمال الشرقي وتاريخ المواجهات المباشرة والاشتباكات العرضية وتعارض تطلعاتهم طويلة الأمد بشأن سوريا، فمن الواضح أن روسيا تعتزم رفع الرهانات في المنطقة مع الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته، أعلنت روسيا دعمها الذي لم يكن موجوداً حتى ذلك الحين لمشاركة ممثلين أكراد في عمليات اللجنة الدستورية السورية في منتصف شهر شباط/فبراير.[8].Syrian Observer (2022) AANES welcomes Bogdanov comments وأطلقت بقيامها بذلك تحذيراً من عاقبة الدعم التركي الحثيث لأوكرانيا من خلال إحضار أكثر ما تخشاه أنقرة على حدودها الجنوبية – أي النفوذ السياسي الكردي المعترف به في سوريا وتقوية حزب العمال الكردستاني (PKK).
إن الغاية من مخاطرة كهذه هي بالتأكيد تذكير للولايات المتحدة وتركيا بالعواقب الدولية للتدخل في أوروبا الشرقية. والتهديدات الروسية للدول الرئيسية المنافسة في سوريا هي كالطلقات التحذيرية في الوقت الراهن. غير أن التصعيد حول أوكرانيا يمثل تحدياً عميقاً لاستقرار سوريا على المدى القريب، مع اعتبار كونها بلداً خاملاً اقتصادياً وممزقاً بسبب البلبلة السياسية-العسكرية. فليس من المستبعد على سبيل المثال أن تضغط روسيا على تركيا وحلفائها في الناتو من خلال التصعيد في إدلب ودفع موجة من اللاجئين إلى الحدود.[9]رغم أن القيام بذلك سيستدعي أيضاً رداً غربياً-تركياً قد يؤدي لنتائج عكسية على موسكو على المدى الطويل. وهذه الحساسيات موجودة في جميع أرجاء البلد وتُشكل سياقاً متوتراً بازدياد. فقد بثت تحركات القوات الروسية هذا الأسبوع حالة قصيرة من الذعر من أن موسكو كانت تدعو المجموعات المرتبطة بإيران إلى تعزيز وجودها على الحدود السورية الإسرائيلية وذلك لتحذير إسرائيل من الامتداد الجيوسياسي في أوكرانيا. وكانت هذه المخاوف لا أساس لها في النهاية،[10] ذكرت مصادر محلية أن القوات الروسية انسحبت من إزرع والمناطق المجاورة لمدينة السويداء. ولكن المليشيات … Continue reading غير أن هذه الحادثة تذكرة بأن سلوك منافسي روسيا بشأن أوكرانيا قد يحفز روسيا على رد يقلب الوضع الراهن في سوريا رأساً على عقب.
لغط وبراغماتية: ردة فعل الجهات المسلحة السورية
ترافقت الحرب في أوكرانيا مع بعض القلق من أن الجهات المسلحة السورية قد تستأنف القتال كلٌ في ميدان صراعه. وقد تركز معظم هذا القلق على منطقة الشمال الغربي السوري، حيث خرجت عناصر من الجيش السوري الحر والجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام بدعم شبه كامل لأوكرانيا بسبب عدائهم للجيش الروسي. ولم تكن التصريحات الداعمة لأوكرانيا من هذه الجهات تصريحات مبهمة، إذ خرج قادة الجيش السوري الحر في الشمال الغربي يهتفون هتافات جماعية يقال إنها تعبر عن “غاية السعادة بأخبار خسائر الجيش الروسي”.[11].Al-Monitor (2022) Syrian opposition backs Ukraine لكن مع أن القوات المسلحة وداعميها في المنطقة قد يشعرون أن أي حرب ضد بوتين هي في أساسها معركتهم هم، فإن احتمال تجدد القيام بهجمات منسقة ضد مصالح روسيا والحكومة السورية في سوريا منخفض حالياً.
وبالرغم من أن تجدد العنف على الخطوط الأمامية كفيل بتقويض سلامة اتفاق خفض التصعيد التركي الروسي وزعزعة استقرار إقطاعيّاتهم المكتسبة بشق الأنفس، إلا أن قوات المعارضة الموجودة في الشمال الغربي تبقى من شدة التشرذم غير قادرة على شن أي تقدم يذكر نحو الجنوب. فالجيش الوطني السوري على سبيل المثال كان مثقلاً بالاقتتال الداخلي منذ توحيده تحت المظلة التركية، وقد حصلت اشتباكات خلال الشهر الماضي حصدت أرواح العديد من الجنود والمدنيين.[12].Syrian Observatory for Human Rights (2022) Infighting between Islamist, Turkish-backed armed groups continues in north Syria وفي الوقت نفسه، فربما كان الجهاديّون المرتبطون بهيئة تحرير الشام قد رفعوا أصواتهم صراحة للتعبير عن طموحهم للعمل ضد روسيا، غير أنهم قد أُسكتوا فعلياً بالقرارات البراغماتية التي اتخذتها المستويات العليا في القيادة السياسية للمنظمة. وهيئة تحرير الشام تواصل تحقيق عدد من الإصلاحات الساعية إلى جعل صورتها ومؤسساتها أكثر اعتدالاً ومن غير المرجح أن تتخلى حالياً عن هذه الجهود لصالح حملة رعناء في جنوب إدلب. كما أن القصف الجوي الروسي على إدلب قد تراجع في شهر شباط/فبراير، غير أنه ليست هناك مؤشرات الآن على أن روسيا قد خففت من وجودها في الشمال الغربي منذ إطلاق حملتها في أوكرانيا.
بيد أن سكون الجبهات ليس بأي حال من الأحوال مؤشراً على الهدوء في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية. وبالنظر إلى الشمال الشرقي، فقد شهد الأسبوع الماضي اشتباكات دامية بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة في تل تمر في محافظة الحسكة، فضلاً عن هجوم على المربع الأمني الحكومي في القامشلي.[13].COAR Global (2022) Syria Update: March 7 تسيطر القوات الحكومية السورية على عدد من نقاط التفتيش في المنطقة الشمالية الشرقية … Continue reading وليس أي من هذين الحادثين جديداً على وجه الخصوص، وتم حلّهما دون أي عواقب سياسية كبيرة. وكالعادة، أُلقي اللوم عن الحادث الأول قسمةً على كلا الجانبين، في حين يمثل الحادث الآخر مثالاً آخر جديداً على مصادرة قوات سوريا الديمقراطية لممتلكات الدولة. إلا أن الأهم من ذلك أن هذه الحوادث تذكرنا بالعديد من بؤر التوتر المنتشرة في كافة أرجاء سوريا حتى في الأجزاء الأكثر “استقراراً” والتي قد تُعجل اشتعال النزاعات المسلحة محلياً أو إقليمياً بل وحتى على مستوى البلد بأسره في وقت اشتداد حالة التأهب، وتغير التحالفات الجيوسياسية، والتدهور المحتمل للنزاع في أوكرانيا.
تجنيد المرتزقة السوريين
أدى اصطفاف الجهات المسلحة المحلية بشأن القضية الأوكرانية إلى إحياء النقاش حول تجنيد المرتزقة السوريين. وقد أشارت العديد من الأمثلة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة وفي وقت مبكر إلى احتمال حصول موجة تطوع وشيكة في صفوف المعارضة السورية دعماً لأوكرانيا.[14]وأبرز مثال على ذلك هو ادعاءات أحد أشهر مقاتلي المعارضة الملقب باسم “أبو التاو”. وقد وردت تقارير من مسؤولين روس منذ ذلك الحين حول توجه مقاتلين ألبان وشيشان من المقاتلين المتمركزين في إدلب إلى أوكرانيا لمواجهة القوات الروسية.[15].RIA Novosti (2022) Defence Ministry says militants from Idleb heading to Ukraine لكن لا يُعتقد أن كثيراً من مقاتلي المعارضة قد ارتحلوا إلى أوروبا الشرقية حتى الآن، حيث إن قادتهم وحلفاءهم الدوليين يسعون إلى تقليل احتمال الانتقام الروسي. فقد ردت هيئة تحرير الشام على سبيل المثال دعوات من منظرين بارزين تقول إن على المسلمين نقل المعركة إلى الروس[16]أصدر ميسرة القحطاني، وهو أحد الشيوخ البارزين في هيئة تحرير الشام، والمعروف أيضاً باسم “الشيخ أبي … Continue reading، ومن المستبعد أن تسمح بأي تجنيد نظامي من بين صفوفها. ولكن تبقى مسألة قدرة جماعات المعارضة على ضمان الامتثال لهذه الأوامر مسألة تنتظر الجواب. وقد كان الرئيس أردوغان صريحاً في وجوب عدم المساس بالأهداف التركية في سوريا وخارجها،[17].Al Arabiya (2022) Erdogan says Turkey cannot abandon its ties with Russia and Ukraine آمراً مجموعات الجيش الوطني السوري المرتبطة بتركيا بالامتناع عن المشاركة في أوكرانيا. ومع ذلك فقد ظهرت تقارير تفيد بأن مقاتلين من الجيش الوطني السوري يستعدون للسفر إلى أوكرانيا بتسهيلات مباشرة من الحكومة التركية، مما أدى إلى خلق مسألة حساسة بل ربما متفجرة للعلاقات الروسية التركية.[18]?Syrians for Truth and Justice (2022) Has the recruitment of Syrian fighters towards Ukraine begun
كما أن هناك تقارير منتشرة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بأن القوات الروسية تبحث عن مجندين في حربها في أوكرانيا. ووفقاً لمصادر محلية، تم تكليف المحاورين المسؤولين عن تجنيد المقاتلين السوريين في ليبيا، وغيرها من ساحات القتال الروسية الأجنبية، لتسجيل السوريين المهتمين في درعا ودير الزور وريف دمشق. وقد ظهرت هذه التقارير في درعا قبل شهر كامل من الغزو الروسي لأوكرانيا،[19]درعا 24 (2022) روسيا تُخطّط لاستخدام قوات محلية سورية في حربها في أوكرانيا [بالعربية]. غالباً بسبب تركّز المقاتلين السوريين ذوي الخبرة بالعمل تحت القيادة الروسية. وتصف المعلومات المتاحة عملية تسجيلٍ أولية يتم فيها التدقيق في الخبرة القتالية، وفي مثال درعا، يُحال المتقدمون المعتمدون إلى التدريب في المنشآت العسكرية الروسية الموجودة في سوريا. ويبدو أن عمليات التجنيد في المناطق الأخرى تأخرت عن درعا عدة أسابيع، إلا أن بعض التقارير تزعم أن الجيش الروسي سيتيح لآلاف السوريين فرصة المصالحة مع الحكومة السورية، ورواتب أساسية مجزية، ومزايا مالية أخرى.[20] صوت العاصمة (2022) روسيا تبدأ بتجنيد “مرتزقة” سوريين للقتال في أوكرانيا [بالعربية].
وإذ لا يزال الأمر في مراحله المبكرة فمن غير الواضح ما إذا كان أي من المجندين السوريين قد أُرسل إلى أوكرانيا لصالح القوات المسلحة الروسية. وإذا كانت التقارير المتعلقة بالدفعة الأولى من المجندين من درعا دقيقة فقد لا يمضي وقت طويل قبل وصولهم. وقد يتبعهم الكثيرون بمرور الوقت. وبالنسبة للسوريين الذين ليسوا على عداء مع موسكو، فمن المرجح استمرار اهتمامهم بالخدمة العسكرية نظراً إلى شح سبل العيش البديلة. وبالنسبة لروسيا، تمثل إضافة مقاتلين سوريين ذوي خبرة إلى صفوفها بُعداً جديداً لممارساتها التجنيدية المكثفة التي تحظى بتغطية إعلامية متزايدة. وكلما طالت الأزمة في أوكرانيا فسيزيد احتمال تجنيد سوريين وإرسالهم كمرتزقة من قبل جميع أطراف النزاع.
العملية السياسية المجمدة
لم تحقق عملية السلام السورية التي تقودها الأمم المتحدة والتي تأسست بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254 أي نتائج مجدية على الأرض، وهي عملية تعيقها الحكومة السورية في كل منعطف من منعطفاتها، وتعاني من تأخيرات متكررة (غالباً ما تكون بتدبير روسي)، وتضم أصحاب المصلحة السوريين ذوي الاختلافات السياسية التي لا يمكن التوفيق بينها. والدبلوماسية البناءة المطلوبة لدفع هذه العملية قُدُماً، والتي يعُدها الكثيرون السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية، أصبحت أصعب بعد أحداث أوكرانيا. ومع هذا فقد ظل “غير بيدرسن”، المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، في خطابه في مجلس الأمن قبل الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في منتصف شهر آذار/مارس، حاسماً وشدد على أن الدبلوماسية العالمية بشأن محتويات قرار مجلس الأمن رقم 2254 لا تزال أساسية “مهما كان ذلك صعباً، وخاصة في الوقت الراهن”.[21].UNSC 14087/February 22, 2022. Amid stalemate, acute suffering in Syria, Special Envoy tells Security Council political solution ‘only way out’ ولا يمكن لوم بيدرسون على صموده، غير أن التفاؤل بشأن العملية السياسية يذوي منذ مدة من الزمن. ونظراً للدور الحاسم لروسيا في إشراك الحكومة السورية في مختلف الخطوط الدبلوماسية التي ينطوي عليها قرار مجلس الأمن المذكور، فإن إحراز تقدم يبدو الآن غير ممكن على الإطلاق قبل أن يقترب النزاع في أوكرانيا من نتيجته المريرة.
المساعدات بعد أوكرانيا: ماذا عن سوريا؟
مستقبل آلية إيصال المساعدات عبر الحدود
آن مجدداً أوان تجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود السورية. وستمر قناة المساعدات الدولية طويلة الأمد هذه غالباً بمفاوضات أكثر صعوبة من تلك التي حصلت خلال التجديد الذي جرى في آخر لحظة العام الماضي. وقد تم تمديد تصاريح إيصال المساعدات عبر الحدود حينئذ بعد ترتيبات ثنائية نظمتها كل من الولايات المتحدة وروسيا. حيث اتفقت دول غربية نتيجة لهذه الصفقة على تزويد عملياتها الجارية لإيصال المساعدات عبر الحدود ببروتوكولات جديدة لمشاركة المعلومات، وزيادة في القوافل العابرة للحدود، والتزاماً ببرامج التعافي المبكر. إلا أن التقدم المحرز في هذه النقاط كان بطيئاً، وهو ما يعني أن روسيا كانت ستمتنع عن تأييد تمديد قرار مجلس الأمن 2585 حتى قبل هجومها على أوكرانيا. ومن المرجح أن يزيد استمرار التعارض الغربي الروسي في الساحتين السياسية والاقتصادية من تصلب الموقف الروسي حين يعود التصويت على مسألة آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى الطاولة في شهر حزيران/يونيو من هذا العام.
وكافة الدلائل تشير إلى أن آفاق تجديد الآلية أصبحت أكثر ضعفاً من ذي قبل، وهذا منظور يؤيده كثير من المحللين. وقد كان المفاوضون الغربيون أصلاً في موضع الخاسر في آخر جولة من المباحثات ولا يبدو أن لديهم أي ورقة ضغط يستطيعون استخدامها هذه المرة أيضاً. ومع ذلك فإن عواقب موقف روسي أكثر تعنّتاً غير واضحة بأي حال من الأحوال. إذا كان إنقاذ قرار مجلس الأمن 2585 ممكناً، فيمكن القول إن إنقاذه سيكون من خلال ضرورة ضمان عدم انهيار الحكومة السورية الضعيفة أصلاً، إضافة إلى مصلحة روسيا الخاصة في الحفاظ على المفاوضات كمصدر دائم للنفوذ. فإذا فقدت دمشق سيطرتها نتيجة لأزمتها الاقتصادية المتفاقمة فإن مصالح روسيا في البلاد قد تتعرض للتهديد إلى درجة قد تقوض موقفها في سوريا ومصالحها الاستراتيجية الأكثر إلحاحاً في الخارج على حد سواء. لذلك فقد يسعى المسؤولون الروس إلى الحفاظ على الصفقة وبنيتها التحتية المادية والتقنية القائمة، مع ضغطهم من أجل مطالب أكبر تجبر الغرب على التنازلات المنصوص عليها في صفقة تجديد التفويض الأخيرة، وطلب المزيد من الدعم العابر للحدود، ورسم مخطط “العودة إلى دمشق” الذي يبدو حتمياً. وقد يرى نظراؤهم الغربيون في نهاية المطاف أن هذا الثمن ثمن مقبول لضمان احتواء الأزمة السورية والحفاظ على قناة مهمة للمساعدات.
التدخل والظلم: ردود فعل السوريين على الاستجابة الدولية في أوكرانيا
يقال إن سوريا قد أصبحت “غير مهمة” حتى قبل غزو بوتين لأوكرانيا.[22].Shaar, K. (2022) How Syria fell into irrelevance for the West والإشارة إلى أن وجهة النظر هذه أكثر صحة الآن بعد حشد قدر كبير من الطاقة العالمية خلف أوكرانيا ستكون بمثابة التقليل من أهمية الجوانب التي لا تزال الأزمة السورية فيها مهمة. تمثل ردود الفعل على الأزمتين بالنسبة للسوريين ازدواجية وقحة قد تؤثر على نظرتهم إلى الجهات الغربية على المدى الطويل. فالهجمات الروسية وأوجه الحرمان الأوكراني بالنسبة لهم أمر مألوف جداً. ولكن على عكس الأمر في أوكرانيا، فإن الاستجابة الدولية تجاه عنف الدولة في سوريا كانت مشتتة وغير ملتزمة، ويمكن القول إنها كانت متعثرة منذ البداية خوفاً من التجاوز. وقد شهد السوريون من دير الزور إلى دمشق مقاربات تعتمد إلى حد كبير على الاحتواء السياسي والعسكري، بينما كانت المساعدات الإنسانية مشتتة ومنفصلة في الغالب عن الرسائل الاستراتيجية والتفكير طويل الأجل. وحين حصل تدخل غربي مباشر، كان محصوراً تقريباً في خدمة المصالح الغربية في المقام الأول ولم ينتج عنه سوى خطوات حاسمة قليلة نسبياً حتى لوقف أكثر التهديدات التي كانت تواجه الشعب السوري وحشية.
وبالنظر إلى أوكرانيا الآن فإن كثيراً من السوريين يعبرون عن شعورهم بالصراع. فمع تعاطفهم مع محنة الأوكرانيين، فإن مشاعر الظلم والغضب والإحباط شائعة بين أولئك الأكثر تضرراً من وحشية روسيا والمتواطئين معها.[23]السويحة، ياسين (2022) أوكرانيا بعيون سوريا [بالعربية]. فبعد سبع سنوات من جرائم الحرب والهجمات العشوائية والاحتلال الغاشم على أيدي الروس وحكومة الأسد، قد تتحول هذه المشاعر إلى سخط في ظل الجبهة الغربية الموحدة التي أظهرها الغرب تجاه أوكرانيا. كما أن التغطية الإعلامية التي تصور الأوكرانيين على أنهم بصورة أو بأخرى أكثر “تحضراً” وبالتالي أكثر استحقاقاً للمساعدة الغربية، تزيد من شعورهم بالخيبة تجاه الغرب.[24]كانت هذه الإشارات متكررة خلال الأسبوع الأول من الحرب في أوكرانيا، كهذا المثال. ربما تضطر برامج المساعدات والحكومات المانحة لبذل جهد أكبر لاستعادة ثقة السوريين بعد أوكرانيا، وهي مهمة تزداد صعوبتها نتيجة إمكانية جذب الحرب في أوروبا الشرقية مع مرور الوقت لاهتمام واستثمار دولي أكثر استدامة.
أزمات منسية داخل أزمة
إذا تلافت سوريا كارثة خطيرة، فإن الاهتمام العالمي بأوكرانيا قد يُغرق كثيراً من جوانب أزمتها الخاصة. فعلى سبيل المثال، إن الضغط الدولي لتحسين ظروف اللاجئين السوريين منخفض أصلاً وقد يصير أكثر ترهلاً إذا أصبح النزوح الأوكراني أبرز قضية نزوح بالنسبة للحكومات الغربية. وهذا يمثل مشكلة خطيرة بالنظر إلى حجم الاحتياج بين جاليات اللاجئين السوريين في الدول المضيفة الإقليمية على وجه الخصوص. فقد استوعبت تركيا ولبنان على سبيل المثال أعداداً كبيرة منهم ولكن البلدين أصبحا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم (بل وتزداد عدم رغبتهما في عدم تلبية تلك الاحتياجات). لم يتلق 70 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان أي مساعدات إنسانية منذ بداية عام 2021، في حين أن نصف الأطفال السوريين اللاجئين في البلد غير ملتحقين بالمدارس.[25].The New Humanitarian (2022) Syrian refugees in Lebanon need more help, not more pressure to leave والأمر نفسه تقريباً في تركيا، حيث يشعر بعض المعلقين بالقلق إزاء عواقب نشوء “طبقة دنيا معزولة ومستبعدة فتكون عرضة للإجرام والتطرف في الأجيال اللاحقة”.[26]Karasapan, O. (2019) Turkey’s Syrian refugees – the welcome fades. يعمل حوالي مليون لاجئ سوري في تركيا دون الوثائق الضرورية ولا يتلقى 40 … Continue reading
لذا فإنه من الضروري تقديم المزيد من الدعم المتضافر للاجئين، غير أن القيود المالية الحالية وانعدام الأمن السياسي للبلدان الإقليمية المضيفة تجعل تقديم ما يكفي من المساعدات من الداخل أمراً مستبعداً. وبعيداً عن التركيز الدولي، قد تصبح البلدان المضيفة بالتالي أكثر حرية في اتخاذ تدابير انفرادية للتعامل مع هذه المسألة، مما قد يكون اختباراً للالتزامات القانونية والأخلاقية التي تَنظُم واجب الرعاية على البلدان المضيفة. ويصبح هذا الأمر أكثر رجوحاً بالنظر لعدم وجود أدلة كافية تشير إلى العودة الطوعية على نطاق واسع دون تغييرات سياسية كبيرة – وهي غير متوقعة حالياً. في غضون ذلك قد تسعى البلدان المضيفة إلى تعميق تسييسها لقضية اللاجئين السوريين، في سعيها إلى انتزاع المزيد من التمويل الغربي مقابل الوعد بأن أوروبا لن تكون مجبرة على التعامل مع تدفق آخر من السوريين في الوقت الذي تنشغل فيه باللاجئين القادمين من أوكرانيا. وقد يحل الاندماج لاحقاً محل العودة بوصفه هدفاً طويل الأجل، ولكن هذا الأمر سيكون مشحوناً بتعقيدات أكبر إذا فشلت المساعدات الأجنبية في تجاوز التحديات الفورية وطويلة الأمد التي يمثلها ذلك.
References[+]
↑1 | .COAR Global (2022) Syria Update: March 7 |
---|---|
↑2 | الليرة اليوم (2021) مخزون القمح في سوريا يشارف على النفاد في ظل تعطل عقود الاستيراد من روسيا. |
↑3 | .COAR Global (2022) Syria Update: 14 February |
↑4 | .SANA (2022) As special envoy of President al-Assad, Ali Mamlouk visits Tehran and meets Shamkhani |
↑5 | .Syrian Observer (2022) High-level Syrian-Iranian intelligence meeting in Tehran |
↑6 | .Press TV (2022) Iran, Syria must continue consultations on regional issues: President Assad |
↑7 | .Operation Inherent Resolve (2021) Lead Inspector General report to the US Congress (October 1 – December 31).When compared with prior review quarters |
↑8 | .Syrian Observer (2022) AANES welcomes Bogdanov comments |
↑9 | رغم أن القيام بذلك سيستدعي أيضاً رداً غربياً-تركياً قد يؤدي لنتائج عكسية على موسكو على المدى الطويل. |
↑10 | ذكرت مصادر محلية أن القوات الروسية انسحبت من إزرع والمناطق المجاورة لمدينة السويداء. ولكن المليشيات المرتبطة بإيران كانت موجودة في إزرع لبعض الوقت، وعُدت إعادة الانتشار الروسية في نهاية المطاف طبيعية. |
↑11 | .Al-Monitor (2022) Syrian opposition backs Ukraine |
↑12 | .Syrian Observatory for Human Rights (2022) Infighting between Islamist, Turkish-backed armed groups continues in north Syria |
↑13 | .COAR Global (2022) Syria Update: March 7 تسيطر القوات الحكومية السورية على عدد من نقاط التفتيش في المنطقة الشمالية الشرقية بموجب اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية بهدف الحيلولة دون تقدم عملية درع الفرات التي قادتها تركيا في عام2019. |
↑14 | وأبرز مثال على ذلك هو ادعاءات أحد أشهر مقاتلي المعارضة الملقب باسم “أبو التاو”. |
↑15 | .RIA Novosti (2022) Defence Ministry says militants from Idleb heading to Ukraine |
↑16 | أصدر ميسرة القحطاني، وهو أحد الشيوخ البارزين في هيئة تحرير الشام، والمعروف أيضاً باسم “الشيخ أبي مارية”، بالفعل فتوى ضد القوات الروسية في أوكرانيا في هذه التغريدة بتاريخ 25 شباط/فبراير. |
↑17 | .Al Arabiya (2022) Erdogan says Turkey cannot abandon its ties with Russia and Ukraine |
↑18 | ?Syrians for Truth and Justice (2022) Has the recruitment of Syrian fighters towards Ukraine begun |
↑19 | درعا 24 (2022) روسيا تُخطّط لاستخدام قوات محلية سورية في حربها في أوكرانيا [بالعربية]. |
↑20 | صوت العاصمة (2022) روسيا تبدأ بتجنيد “مرتزقة” سوريين للقتال في أوكرانيا [بالعربية]. |
↑21 | .UNSC 14087/February 22, 2022. Amid stalemate, acute suffering in Syria, Special Envoy tells Security Council political solution ‘only way out’ |
↑22 | .Shaar, K. (2022) How Syria fell into irrelevance for the West |
↑23 | السويحة، ياسين (2022) أوكرانيا بعيون سوريا [بالعربية]. |
↑24 | كانت هذه الإشارات متكررة خلال الأسبوع الأول من الحرب في أوكرانيا، كهذا المثال. |
↑25 | .The New Humanitarian (2022) Syrian refugees in Lebanon need more help, not more pressure to leave |
↑26 | Karasapan, O. (2019) Turkey’s Syrian refugees – the welcome fades. يعمل حوالي مليون لاجئ سوري في تركيا دون الوثائق الضرورية ولا يتلقى 40 في المئة من الأطفال تعليم. |