مقدمة
في الثاني عشر من كانون الثاني/يناير 2022، وقع رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي في سوريا مذكرة تفاهم مع السفير الصيني بهدف ضم سوريا رسمياً لمبادرة الحزام والطريق؛ الأداة الصينية الممولة بقيمة تريليون دولار أمريكي بهدف التنمية الاستراتيجية في آوراسيا وإفريقيا[1]SANA (2022), “Syria, China sign MoU in framework of Silk Road Economic Belt Initiative,” and OECD (2018), “China’s Belt and Road Initiative in the Global Trade, Investment and Finance … Continue reading. إن انضمام سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق يغذي التكهنات حول طموحات الصين المستقبلية في سوريا. يرى بعض المحللين أن إدراج سوريا في المبادرة يعد بمثابة ضمان للاستثمار الصيني في نهاية المطاف بغية حماية مصالحها الإقليمية. يستنتج آخرون أن النفور التاريخي للقيادة الصينية من المخاطر الجيوسياسية سيؤخر إلى أجل غير مسمى، أو يحبط بالكلية، المشاركة الفعالة للصين في سوريا- الدولة التي ما زالت غير مستقرة.
رغم أن عدم وضوح المسألة يعد أمراً مفهوماً، فإن هنالك مؤشرات ملموسة تسلط الضوء على المشاركة الاستراتيجية المتغيرة للصين خلال زمن الحرب في سوريا. على سبيل المثال، يقدم الدعم الإنساني دراسة حالة لتعاون بكين المركَّز مع الحكومة السورية. يمكن القول بأن دعماً كهذا ـــ يتضمن التزامات متعددة الأطراف والتزامات ثنائية ضعيفة التقييم ومساعدات تقنية وعينية[2]في حين أنه في الإمكان مناقشة طبيعة هذا الدعم، إلا أنه يمكن القول أن تعريفه بصرامة أو بشكل ضيق لن يكون مفيداً. … Continue reading ـــ يقدم منظومة بيانات متكاملة لفهم تطور العلاقات السياسية الصينية مع سوريا، مما يسمح بإجراء مقارنات على أساس سنوي في مختلف مراحل النزاع.
إن تقديم تقييم نهائي لرؤية الصين لدورها طويل الأمد في سوريا ليس ممكناً بعد، لكن بعض عناصر نهجها بدأت بالظهور على السطح في عام 2017 أو قبل ذلك. تزامن هذا التحول مع سيطرة الحكومة السورية على مدينة حلب في كانون الأول/ديسمبر 2016، والتي يمكن القول أنها نقطة تحول حاسمة أعادت سيطرة الدولة على المركز الاقتصادي التقليدي للبلاد. وفي الفترة اللاحقة لذلك، تمت إعادة تشكيل المساعدات الإنسانية الصينية بشكل حاسم بطريقة جعلتها رمزاً لتحول واسع في السياسة العامة بين الحكومتين، مما مهد الطريق لتوافق وثيق بين دمشق وبكين. عكس هذا التحول مساره بعد سنوات عديدة كان فيها دعم الصين الخطابي والدبلوماسي لدمشق، مثل مساعداتها الإنسانية، محسوبًا ورمزيًا في كثير من الأحيان. يشير تحليل هذه الاتجاهات إلى مقاربة مؤلفة من قسمين إزاء المشاركة الاستراتيجية للصين في سوريا. أولاً، تم ضخ الدعم الإنساني مباشرة إلى الحكومة السورية التي تبدو آمنة، لإيصال دعم سياسي قيّم لدمشق عندما كانت لا تملك إلا القليل من الشراكات الدولية المستقرة. ثانياً، الروابط المدفوعة بهذا الدعم تمت معايرتها لتمهّد الطريق أمام استثمار مستقبلي في القطاع الخاص، والذي تعوّل عليه دمشق كحافز لإنعاش الاقتصاد بشكل واسع، خصوصا في مجال الصناعة.
بطبيعة الحال، ستؤدي الحقائق الميدانية والعقوبات والمخاطر السياسية الخفية إلى تعقيد عملية الاستثمار في سوريا، من قبل الجهات الحكومية أو الشركات الخاصة في المستقبل المنظور. إلا أن أطر المشاركة التي تبلورت بالفعل تبدو قادرة على تبديد الشكوك حول رغبة الصين في أداء دور اقتصادي مهم في مرحلة ما بعد الصراع في سوريا، لكن تحديد حجم هذا الدور بدقة هو مسألة قائمة على عوامل خارجية كالعقوبات وعناصر أخرى من المخاطر الجيوسياسية. في نهاية المطاف، ستبقى الأسئلة المتعلقة بدور مبادرة الحزام والطريق كأداة لاستثمار كبير للحكومة الصينية في سوريا -كاستخدامها لضمان الوصول إلى ميناء طرابلس اللبناني- دون إجابة.
النتائج الرئيسية
- المساعدات الإنسانية الصينية مؤشر رئيسي لتحول تعامل بكين مع سوريا. في هذا الصدد، شكّل سقوط حلب في كانون الثاني/ديسمبر 2016 نقطة تحول في استراتيجية المساعدات الصينية، مما أدى لرفع المساعدات إلى ما يساوي مائة ضعف خلال سنة واحدة (من ما يقارب خمسمائة ألف دولار في 2016 إلى أربعٍ وخمسين مليون دولار أمريكي في 2017)، كإشارة واضحة على مزيد من الثقة في بقاء الحكومة السورية في السلطة.
- طالما تم تجاهل المساعدات الصينية بسبب تقديمها خارج أُطرالأمم المتحدة غالبا. منذ 2017، وجهت الصين معظم دعمها إلى الحكومة السورية مباشرة، غالباً بشكل اتفاقيات تعاون اقتصادي وتقني وإمدادات ولقاحات متعلقة بكوفيد-19، حيث عززت جهودها لتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية مع دمشق. رغم ذلك، فإن التزاماتها الإجمالية متواضعة مقارنة بالتزامات الحكومات المانحة الأخرى.
- على الرغم من أن الصين لم تبيّن أجندة واضحة بخصوص إعادة الإعمار أو مبادرة الحزام والطريق في سوريا، إلا أن نهجاً هجيناً تبلور في ضوء نموذج مساعدات “ما بعد حلب”. ومنذ ذلك الحين، تعهدت الصين بما يصل إلى ملياري دولار أمريكي لدعم المجمعات الصناعية، بينما يبدو أن نهجها طويل الأجل ـــ وهو نموذج تم الترويج له من قبل بشار الأسد ـــ يفضّل القطاع الخاص والاستثمار الصناعي لتجديد الاقتصاد المتعثر في سوريا.
- حتى الآن، تمت عرقلة استثمار القطاع الخاص بسبب العقوبات وانعدام الأمن المادي والمالي والاقتصادي. وقد شجع الأسد الشركات الصينية على التهرب من الإجراءات التقييدية، مقابل نجاح ضئيل على ما يبدو.
التوصيات
- في حين أن تسييس المساعدات يمثل خطرًا دائمًا في سوريا، فإن المساعدة الإنسانية الصينية تبدو فريدة من نوعها في هذا الصدد، حيث تم تصميمها بشكل علني لتحقيق تأثير سياسي من خلال استرضاء السلطات السورية. يجب على المانحين الغربيين اتخاذ خطوات للتوضيح والتعريف عن أهدافهم من تقديم المساعدات في سوريا، لا سيما أن المستفيدين نادرًا ما يكونون قادرين على التمييز بين المانحين وقد لا يستطيعون التمييز بين أهداف المساعدة الصينية وأهداف الجهات الفاعلة الأخرى في مجال المساعدات.
- يجب على المانحين الغربيين تطوير استراتيجيات تواصل واضحة لنشر المعلومات المتعلقة بحجم ونطاق وغرض مساعداتهم، على وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً. هذه الخطوة ضرورية إذا أرادوا تصحيح تضارب المعلومات المنشورة، في مجالات كالمساعدات المتعلقة بكوفيد-19 على سبيل المثال، حيث قامت وسائل الإعلام الحكومية السورية بتهويل شأن الدعم الصيني وقللت من أهمية مساهمات المانحين الآخرين ومؤسسة “COVAX”.
- إن الحكومات المانحة التي ركزت على تهيئة الظروف لتحقيق انتعاش اقتصادي مستدام قائم على السوق في سوريا، يجب أن تراقب عن كثب الاستثمار الصيني الخاص، لا سيما في المجالات الصناعية، والتي قد تعزّز في بعض الحالات جهودها لدعم سبل العيش السورية والقدرة على الصمود الاقتصادي.
- إن النماذج المحتملة لدعم الصين لإعادة الإعمار في سوريا لا تدعو للتنبؤ بأنها سوف تركز على الاحتياجات والخدمات الإنسانية الحيوية، ولكنها من المرجح أن تركز على عودة القطاع الخاص ووسائل ترسيخ المصالح الجيوستراتيجية بدلاً من ذلك. ورغم أنه من الممكن أن تؤيد الدولة الصينية يومًا ما جهود إعادة الإعمار الإنسانية، إلا أنه لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أنها مستعدة للقيام بذلك. ورغم أنه ينبغي على الحكومات الغربية المانحة أن تكون حذرة من اختيار أي أجندة لإعادة التأهيل أو إعادة الإعمار، فقد يكون من الضروري على المدى الطويل تحديد نقاط التكامل مع الجهات الفاعلة الأخرى العاملة على الأرض من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب للشعب السوري.
القسم الأول: المساعدات كوسيلة استعراض للمواقف الصينية تجاه سوريا
إنّ العوائق التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية في سوريا تجعل السياق من أكثر الاستجابات الإنسانية صعوبة وتعقيدًا في الذاكرة الحديثة. من بين القضايا العديدة التي تعقّد استجابة المساعدات هي المسؤولية الكبرى للحكومة السورية عن غالبية الوفيات بين المدنيين في النزاع، إن القوات الحكومية وحلفاؤها متورطون في العديد من الانتهاكات الحقوقية المبلّغ عنها، بما في ذلك التعذيب واستخدام الأسلحة الكيميائية. لأسباب قانونية واستراتيجية وأسباب متعلقة بالسُمعة، أدت هذه العوامل إلى تعقيد المهمة التي تواجه الحكومات المانحة التي يجب أن تعمل بطريقة ما من خلال السلطات المركزية للوصول إلى ما يقارب ثلثي السوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحكومة.[3]تم بحث هذه القضية بعمق في كتاب كارستن ويلاند ” سوريا وفخ الحياد: معضلات تقديم المساعدات الإنسانية من خلال … Continue reading مع وجود استثناءات قليلة،[4]الجدير بالذكر أن بعض المانحين الرئيسيين يختارون صراحةً العمل وفقًا لرغبات الحكومة السورية التي يعتبرونها … Continue reading تسعى الحكومات المانحة الرئيسية إلى تقليل احتكاكها بالسلطات السورية إلى أدنى حد في الوقت الذي تكافح فيه بوجه الحقيقة الصعبة المتمثلة في إيصال المساعدات إلى ذوي الاحتياج. في الواقع، ترى الحكومات المانحة أن المعالم الرئيسية في المسار المستقبلي لسوريا مثل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والتطبيع السياسي مع الحكومة السورية مستحيلة حتى يتم تنفيذ الإصلاحات السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
من خلال دراسة الأوضاع نفسها في سوريا، اتبعت الصين نهجاً معاكساً. ويبدو أنها غير مثقلة بمثل هذه الاعتبارات، فقد استخدمت بكين مساعدتها المتواضعة لتقوية الروابط السياسية مع الحكومة السورية. بناءً على البيانات العامة، يمكن تقدير أن الصين ساهمت بأكثر من مائة مليون دولار أمريكي في المساعدات الإنسانية لسوريا منذ اندلاع الصراع في عام 2011، بالإضافة إلى ما يساوي عشرات الملايين من المساعدات العينية لمحاربة جائحة فيروس كورونا وما يقدر بنحو ثمانين مليون دولار أمريكي لدعم الدول المجاورة التي تتعامل مع تداعيات الصراع.[5]تستند هذه التقديرات إلى الالتزامات العلنية التي أُعلن عنها من قبل الدولة الصينية أو الحكومة السورية أو … Continue reading بناء عليه، فإن الدعم الإنساني الصيني ضئيل من الناحية المالية عند مقارنته بمساهمات المانحين الغربيين، ولكن عند تقييمها عبر الزمن فإن المساعدات الإنسانية هي الرائد الذي لم يلاحظه أحد على استعداد الصين لوضع ثقل متزايد خلف دمشق. هناك أربع مراحل مميزة وواضحة لمشاركة الصين في تقديم الدعم لسوريا، كل منها يقابل مرحلة رئيسية في مسار الصراع.
المرحلة الأولى: الحملة الإعلامية الحكومية (2011). تألّفت المرحلة الأولى ــ الموجزة ــ من المساعدات الصينية لسوريا في زمن الحرب[6] يمكن الاختلاف على تحديد النقطة على التي تحولت منها الانتفاضة السورية إلى صراع. من أجل مقاصد هذه الورقة، … Continue reading من سلسلة من التبرعات العينية التي تهدف لتعزيز قدرة وسائل الإعلام الحكومية في أوائل عام 2011، عندما كانت الحكومة السورية تسعى إلى قمع انتفاضة شعبية ناشئة تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية. في نيسان/أبريل وأيار/مايو من عام 2011، قدمت الصين دعمًا سمعيًا-بصريًا وتقنيًا لأربع كيانات إعلامية تابعة للحكومة السورية، من ضمنها وكالة الأنباء العربية السورية (سانا). هذه المساعدات هي الحالات الوحيدة من ضمن المساعدات الصينية لسوريا التي سجلتها مؤسسة “AidData” لعام 2011. ورغم ضآلة المساعدات من الناحية النقدية، إلا أنها تقدِّم دليلًا على اهتمام مبكر بالرواية الإعلامية التي استمرت لاحقًا.[7]No Author (2021) “AidData’s Global Chinese Development Finance Dataset, Version 2.0,” Aid Data
الشكل الأول. المساهمات الصينية لاستجابة المساعدات السوريةالمرحلة الثانية: دعم محدود متعدد الأطراف (2012-2017).
الدعم مقدم من خلال الأمم المتحدة، على الرغم من ضآلته إلا أنه توقف منذ عام 2018.
العام | المساعدات | إجمالي التمويل الوارد |
2011 | $ – | $ 39,986,462.00 |
2012 | $ 2,000,000.00 | $ 643,462,583.00 |
2013 | $ 2,000,000.00 | $ 1,506,919,000.00 |
2014 | $ 4,300,000.00 | $ 2,278,278,000.00 |
2015 | $ – | $ 2,367,497,000.00 |
2016 | $ 1,000,000.00 | $ 2,579,131,000.00 |
2017 | $ 1,500,000.00 | $ 2,414,746,000.00 |
2018 | $ 33,808.00 | $ 2,555,220,000.00 |
2019 | $ – | $ 2,451,548,000.00 |
2020 | $ – | $ 2,684,793,000.00 |
2021 | $ – | $ 2,274,000,000.00 |
المصدر: نظام التتبع المالي UN-OCHA
المرحلة الثانية: دعم محدود متعدد الأطراف (2012-2017). تزامنت المرحلة الثانية من المساعدات الصينية لسوريا مع تصاعد الانتفاضة الأولى، وانتشار النزاع المسلح في جميع أنحاء البلاد، وقيام المانحين بملائمة حافظات البرامج مع الاحتمالية المعقولة التي تقضي بأن الحكومة السورية سوف تنهار تحت وطأة الضغط الذي تمارسه القوات المتمردة والمعارضة المسلحة. في حين تبنت العديد من الحكومات المانحة بشكل استراتيجي أنشطةً لبناء قدرات بهدف خلق بديل عن الحكومة السورية في مجالات الإدارة والخدمات العامة والمجتمع المدني، كان نهج الصين في هذه الفترة متوازنًا نسبيًا، حيث ساهمت بتقديم دعم إنساني محدود عبر خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية (HRP) و خطة الاستجابة الإقليمية (3RP). في السنوات التي ساهمت فيها بخطة الاستجابة الإنسانية (HRP) وخطة الاستجابة الإقليمية (3RP)، بلغ متوسط تبرعات الصين حوالي مليون وثمانمائة ألف دولار أمريكي (الشكل 1). ولثباتها في مرتبة منخفضة خارج لائحة أكبر خمسين جهة مانحة للاستجابة للأزمة السورية، لم تحظَ الصين باهتمامٍ يُذكر بصفتها مانحًا إنسانيًا، وكانت آخر مساهمة مسجلة لها بقيمة 33808 دولارًا أمريكيًا فقط في عام 2018.[8]Financial Tracking Service, “Syrian Arab Republic 2021,” UN-OCHA المبلغ هو ترتيب من حيث الحجم أصغر من مساهمة ، على سبيل المثال ، من … Continue reading ومع ذلك، فإن هيكلية الأمم المتحدة تمثل جانبًا واحدًا فقط من النظام البيئي الأوسع للعمل الإنساني، وقد أعادت بكين توجيه دعمها لسوريا ورفعت قيمته بشكل كبير عن طريق العمل مباشرة من خلال الحكومة السورية (انظر: الشكل 2).
بالإضافة إلى ذلك ، تجنبت الصين معاداة دمشق أيضًا من خلال توجيه دعمها إلى الدول المجاورة لسوريا، خاصةً خلال السنوات الخمس الأولى من النزاع عندما أصبح اتجاه الصراع ديناميكيًا للغاية ومن الصعب التنبؤ به. لهذا الغرض، واعتبارًا من كانون الثاني/يناير 2016 ، قدر سفير الصين لدى الأمم المتحدة “ليو جيه يي” أن بكين قدمت تسع حزم من المساعدات الإنسانية بقيمة 685 مليون يوان (حوالي مائة مليون دولار أمريكي) إلى سوريا والدول المجاورة لها. وعلى الرغم من عدم وضوح الآليات التي تم تقديم هذا الدعم من خلالها، أو كيفية تقسيمه بين الدول المتلقية، إلا أن الأرقام المتاحة تشير إلى أن أربعة أخماس المبلغ (أي ثمانين مليون دولار أمريكي) أو أكثر تم منحهم للحكومات المجاورة.[9](2017) Baijie
الشكل الثاني. المساعدة الأجنبية الصينية لسوريا (2011-2017).
إضافة إلى حصدها لانتصارات عسكرية، اكتسبت الحكومة السورية دعمًا صينيًا أيضًا.
المرحلة الثالثة: تمحور حول دمشق (2017-2020). تميزت المرحلة الثالثة من الدعم الصيني بتحول كبير في درجة ونوعية المساعدات المقدمة. بدأت هذه المرحلة في أوائل عام 2017، إثر تقدم ميداني حاسم للحكومة السورية وحلفائها. في الواقع، إن أكبر تعهد من ضمن المساعدات الصينية لسوريا في زمن الحرب هو اتفاقية تعاون اقتصادي وتقني بقيمة 16 مليون دولار أمريكي، والتي تم توقيعها في الخامس من شباط/فبراير 2017، أي بعد أشهر فقط من استعادة الحكومة السورية لمدينة حلب من الجيش السوري الحر في كانون الأول/ديسمبر 2016. من المستبعد أن يكون هذا التوقيت مصادفة. كما يمكن القول أن معركة حلب كانت نقطة تحول حاسمة في النزاع، وقد أدت إلى إقصاء قوات المعارضة المسلحة إلى مناطق محاصرة وأراضي هامشية على الحدود الجنوبية والشمالية لسوريا. أثناء حضوره حفل توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي وتقني، أشار السفير الصيني “تشي تشيانجين” إلى الاستيلاء على حلب على أنه “تقدم إيجابي” في”الحرب على الإرهاب”.[10]Xinhua (2017), “China to donate humanitarian aid to Syria worth $16m,” The State Council of the People’s Republic of China على جميع الأصعدة، شكّل عام 2017 نقطة تحول فاصلة بالنسبة للدعم الصيني لسوريا، حيث بلغت قيمة المساعدات في ذلك العام 54 مليون دولار أمريكيّ، ما يعادل مائة ضعف المبلغ الذي قدمته لسوريا في عام 2016 وما يقارب ثلاثة أضعاف قيمة إجمالي المساعدات التي قدمتها لسوريا طوال فترة الصراع إلى ذلك الحين (الشكل 2).
في إطار “ما بعد حلب” الذي حدد تعامل الصين مع سوريا منذ ذلك الحين، وجهت بكين كل دعمها الإنساني تقريبًا مباشرة إلى الحكومة السورية. إجمالاً، وقعت السفارة الصينية في سوريا مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي السورية (ICC) خمس اتفاقيات تعاون اقتصادي وتقني تشكل الركيزة النقدية للمساعدة الثنائية التي تقدمها الصين لسوريا في زمن الحرب. وقد كان إجمالي الدعم الذي قدمته اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتقني ستين مليون دولار أمريكي ولكن التفاصيل المتعلقة بالمشاريع المحددة المدعومة من خلال هذه الاتفاقيات شحيحة.[11](SANA (2017), “Syria and China agree to a technical and economic agreement,” (AR كانت ثلاثة على الأقل من الاتفاقيات عبارة عن حيز مخصص ينص على أن الدول ستوافق بشكل مشترك على مخصصات المشاريع بما يتوافق مع الاحتياجات الإنسانية التي لم تكن محددة آنذاك. بالنظر إلى هذه الحُزَم، كتب محرر في وكالة سانا لوسائل الإعلام الحكومية الصينية في كانون الثاني/ يناير 2018 أنّ “القيادة في بكين اختارت لعب دور أكثر قيادية في إدارة الصراع في سوريا”، بسبب رغبة بكين في منع “اللاعبين الرئيسيين الآخرين” من “إملاء سياساتها” بشأن القضايا الدولية.[12]Haifa Said (2018), “China’s humanitarian contribution to Syria adds to its int’l profile,” China.Org.Cn ورغم أن الصين لم تسعَ بشكل واضح إلى تأكيد مثل هذه القيادة في المؤسسات متعددة الأطراف مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلا أن مساعدتها الإنسانية لسوريا قد تطورت بشكل واضح وتوسعت بشكل كبير حيث أصبحت بكين أكثر ثقة في دعمها للحكومة السورية بشكل مباشر.
المرحلة الرابعة: دبلوماسية كوفيد-19 (2020-إلى الوقت الحاضر). ظهرت المرحلة الرابعة من الدعم الصيني استجابةً لجائحة كوفيد-19. تم تجميد أعمال العنف المسلح الكبرى في سوريا منذ آذار/مارس 2020، وهو الشهر الذي وقعت فيه الصين وسوريا على اتفاقية التجارة الإلكترونية النهائية بينهما. منذ ذلك الحين، جاءت المساعدة الصينية بشكل حصري تقريبًا في شكل دعم ضد كوفيد-19، بما في ذلك ما لا يقل عن تسعة تبرعات منفصلة من اللقاحات المصنوعة في الصين، ومعدات الحماية الشخصية (PPE)، وغيرها من الإمدادات الطبية.
أظهرت هذه المرحلة المدى الفريد الذي وصلت إليه المساعدات الصينيّة لسوريا، تحديدّا في الداخل السوري. اعتبارًا من شباط/فبراير 2022، تلقت سوريا أكثر من 8.3 مليون جرعة من لقاحات كوفيد-19 من خلال مؤسسة “COVAX” المدعومة من منظمة الصحة العالمية، بينما تعهدت الصين بما يقدر بنحو 2.6 مليون جرعة لقاح.[13](World Health Organisation Regional Office for the Eastern Mediterranean (2022 اعتبارًا من أوائل أيار/مايو 2022، نشرت وكالة سانا ما لا يقل عن 38 مقالاً مشيرة فيها إلى الدعم الثنائي الصيني للتدابير المتعلقة بكوفيد-19، مشيرة إلى أنها “لم تدخر جهداً” لدعم سوريا طوال فترة الجائحة.[14]SANA (2021), “Syria receives half million doses of China’s Sinopharm COVID-19 vaccine وبالمقارنة، أشارت وكالة سانا إلى مؤسسة “COVAX” (الغربية إلى حد كبير) المدعومة من قِبَلِ منظمة الصحة العالمية مرة واحدة فقط. هذه التفاوتات تسلط الضوء على فجوة المعلومات في سوريا وتشير إلى الحاجة إلى رسائل عامة أكثر تفصيلاً من قبل الوكالات المانحة والجهات المنفذة.
القسم الثاني: ماذا تعني المساعدة الصينية لإعادة إعمار سوريا؟
إنّ ميلَ المساعدات الإنسانية الصينية لصالح دمشق ابتداءً من عام 2017 فصاعدًا ينعكس في استكشاف متجدد للفرص التجارية التي تَعِدُ بها إعادة الإعمار بعد الحرب، والتي روجت لها الحكومة السورية بشغف باعتبارها تحقق مكاسب عالية العائد للمستثمرين. في الحقيقة، شهدت الفترة الزمنية منذ عام 2017 تحولًا ملحوظًا من حيث المبادرات الدبلوماسية الصينية تجاه سوريا وفيما يتعلق بالنشاط التجاري الناشئ. على سبيل المثال، كل شركة صينية تم تسجيلها في دمشق منذ اندلاع الصراع في سوريا قامت بذلك منذ عام 2017.[15]Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations في حين أنه تم تأسيس 21 شركة فقط من هذه الشركات، إلا أنه يبدو أن التسجيلات تستجيب لتعزيز العلاقات السياسية بين الصين والحكومة السورية. في أيلول/سبتمبر 2017، أعلن بشار الأسد أن الصين ستكون لها أفضلية في الاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار، إلى جانب روسيا وإيران، القوتين المتنافستين اللتين فضّل موقفهما تجاه سوريا استخراج الموارد والمصالح الاستراتيجية الإقليمية، بدلاً من إعادة التأهيل الاقتصادي.[16]عبارات التنازل التي رددها سفير سوريا القلق “عماد مصطفى” للصين. انظر: Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic … Continue reading في مقابلة تلفزيونية عام 2019، وّضح الأسد رؤيته لدور الصين في إعادة إعمار سوريا، مشيرًا إلى عملية مؤلفة من خطوتين تتكون من “الدعم الإنساني” الذي تموله الدولة لإعادة إعمار البنية التحتية الحيوية بالإضافة إلى الاستثمارات الخاصة لإعادة تأهيل الاقتصاد السوري.[17]SANA (2019), President al-Assad: The Belt and Road Initiative” constituted worldwide transformation in international relations… There will be no prospect for US presence in Syria
الدعم الحكومي
تشير الأدلة الحالية إلى أن الدعم الذي تعهدّت به الصين لإعادة الإعمار مصمم ليقوم بدور القابلة تجاه التصنيع والتجارة في نهاية المطاف في القطاع الخاص. حتى الآن، إن أهم تعهد حكومي هو “ما يقارب” ملياري دولار أمريكي تم التعهد به للمجمعات الصناعية بهدف استضافة استثمارات صينية خاصة.[18]Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations,” and Harvey Morris (2018), “China extends helping hands to rebuild Syria,” China Daily ليس من الواضح كيف أو أين أو متى سيتم إجراء هذه الاستثمارات، أو ما إذا كانت تتداخل مع اتفاقيات غير معلنة يشاع أنها موجودة، كما هو الحال في باقي دول مبادرة الحزام والطريق المستهدفة.[19] تشير المصادرالرئيسية أن ما يسمى بالاتفاقيات السرية بين الصين والحكومة السورية ممكنة، كما شوهد في الدول … Continue reading في الوقت الحاضر، تتباهى سوريا بأربع مدن صناعية، وهي عبارة عن مراكز تم تخصيصها إداريّا لاحتضان الصناعة والتجارة تقع في دمشق (عدرا) وحلب وحمص (حسياء) ودير الزور.[20]Syria Report (2022), Report: Syria’s industrial cities في عام 2019، خطت الصين بثقة أكبر في السوق السورية، حيث أعلن الملحق التجاري الصيني في دمشق عن افتتاح مكتب تجاري في مدينة عدرا الصناعية لتزويد المصنعين الصينيين بموطئ قدم دائم في سوريا، مما يشير إلى رغبتهم في الاستفادة من البنية التحتية الصناعية القائمة في سوريا.[21]Syria Report (2019), “China to set-up permanent trade centre near Damascus بالإضافة إلى هذه الخطوات، ووفقًا لمقابلة الأسد في عام 2019، تدعم الصين حاليًا إعادة الإعمار من خلال مشاريع “إنسانية” غير محددة لإصلاح شبكات المياه والكهرباء، والتي يمكن تحقيقها من خلال اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتقني الحالية.[22]من المحتمل أن تشير هذه المطالبات إلى اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتقني الموجودة. ليس من الواضح ما إذا كانت هذه من بين مشاريع إعادة الإعمار الستة التي ورد أن الحكومة السورية قدمتها إلى بكين على أمل الحصول على الدعم.
القطاع الخاص
لم تكن استثمارات القطاع الخاص الملموسة وشيكة، على الرغم من أن الشركات الصينية أعربت عن اهتمامها بالاستثمار في المستقبل. قام الأسد بوصف الاستثمار الخاص في سوريا بأنه “أهم مرحلة” من مراحل إعادة الإعمار واعتبره “التحدي الأكبر” في عملية تعافي سوريا بعد الحرب.[23]Christopher Phillips (2022), “Syria: Joining China’s Belt and Road will not bring in billions for Assad,” Middle East Eye على الرغم من ورود تقارير أفادت بمشاركة ألف شركة في المعرض التجاري الأول بشأن مشاريع إعادة الإعمار السورية في بكين، إلا أنه ليس واضحًا ما إذا تم تنفيذ أي مبادرات كبرى من قبل القطاع الخاص. وفقًا للأسد، إن العوائق الرئيسية التي تقف في طريق مشاركة الصين في إعادة إعمار سوريا هي العقوبات وانعدام الأمن. في مقابلته عام 2019، لاحظ الأسد أن الأمن المادي لسوريا “يتحسن بسرعة وثبات”، وأشار إلى أن أنشطة إعادة الإعمار تجري بالفعل في مناطق المصالحة التي سيطرت عليها القوات الحكومية. مع ذلك، فقد أقرّ بوجود مصادر إضافية لانعدام الأمن، منها الغموض المتعلق بالضرائب وحقوق المستثمرين والمسائل المالية الأخرى. على الرغم من نظرة الأسد المتفائلة حول أن الإجراءات القانونية سوف تطمئن المستثمرين الخارجيين، فليس واضحًا ما إذا كانت هذه القضايا قد تمت معالجتها بما يرضي الشركات من الصين أو أي مكان آخر. وتحقيقًا لهذه الغاية، تقع سوريا بالقرب من أسفل الترتيب العالمي للبنك الدولي في سياق سهولة ممارسة الأعمال التجارية، مما يفسد مناخ العمل، على الرغم من أن الشركات الصينية تمارس العمل في سياقات ذات مؤسسات ضعيفة ومساءلة محدودة.[24]يمكن الاطلاع على مراجعة شاملة لظروف العمل هنا:
World Bank Group (2020), “Doing Business 2020: Syrian Arab Republic بالإضافة إلى ذلك، بقي الاقتصاد السوري لعقود تحت سيطرة المصالح التجارية الخاصة التي تم اختيارها كجزء من أجندة اقتصادية تقودها الدولة.[25]Katherine Nazime and Alexander Decina (2019), “No business as usual in Syria,” Carnegie Endowment على الرغم من أن الصراع قد غيّر مصائر أطراف رئيسية في القطاع الخاص (مثل رامي مخلوف)، فإن الخطر الكامن في التصادم مع مصالح هذه الجهات المؤثرة يشكل عائقاً أمام الاستثمار الصيني، ما لم يتم ضمان العلاقات الوديّة (انظر: ما وراء نقاط التفتيش: الفجوات الاقتصادية المحلية والاقتصاد السياسي لمجتمع الأعمال السوري). على غرار المستثمرين الخليجيين ورجال الأعمال السوريين المغتربين، تردد المستثمرون الصينيون لأسباب مفهومة في المخاطرة بالقيام بأعمال جديدة في البلاد، لا سيما باعتبار المطالبات الإيرانية والروسية الحالية في القطاعات الرئيسية، والمناطق الجغرافية، وموارد الدولة.[26]Sinan Hatahet (2019), “Russia and Iran: Economic influence in Syria,” Chatham House
تشكّل العقوبات حاجزًا يمنع بالقدر نفسه ممارسة الأعمال التجارية في سوريا. ليس من المفاجئ قيام الأسد بالإشارة إلى عدم وجود آليات فعالة للتحويل النقدي كعائق رئيسي أمام الاستثمار الصيني، على الأرجح بهدف الإشارة إلى صعوبة الوصول إلى نظام مدفوعات “SWIFT” أو استخدام البنوك الدولية. ولهذا السبب، قامت الحكومة السورية بتشجيع الشركات الصينية على ممارسة الأعمال التجارية في سوريا من خلال “إيجاد طرق للتهرب من العقوبات”.[27]SANA (2019), President al-Assad: The Belt and Road Initiative” constituted worldwide transformation in international relations… There will be no prospect for US presence in Syria على الرغم من احتمالية حصول نعمة إعادة الإعمار، إلا أنه من المرجح أن تتجنب الشركات الخاصة مثل هذه المراوغات، لا سيما بالنظر إلى شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” كمثال، والتي تعرضت لضغوط قانونية في الولايات المتحدة بسبب صفقات هدفت لخرق العقوبات أجرتها في سوريا وإيران من خلال شركات نابت عنها كطرف ثالث.[28]Steve Stecklow, Babak Dehghanpisheh, James Pomfret (2019), Exclusive: New documents link Huawei to suspected front companies in Iran, Syria يزيد صدور قانون قيصر الأمريكي في عام 2020 من التأثير الرادع للعقوبات، على الرغم من أن غياب الشركات الغربية يخلق حافزًا أكبر للتعاون الصيني السوري على المدى الطويل.
خلاصة
لمعاناتها من عدم الاستقرار والعقوبات والافتقار إلى ثروة ذات أهمية من الموارد غير المستَغَلَّة، تعتبر سوريا غير جذابة حاليًا للاستثمار الأجنبي، على الرغم من جغرافيتها المواتية لمبادرة الحزام والطريق. ومع ذلك، فإن نهج الصين الذي تم تعديله بخصوص المساعدات الإنسانية في سوريا منذ عام 2017 يعتبر من أقوى المؤشرات الملموسة على استعدادها لأن تستثمر سياسياً في علاقتها طويلة الأمد مع الحكومة السورية. بطريقة ما، لقد قدم هذا النهج ضماناً رمزياً لمشاركة الصين المستقبلية في إعادة الإعمار، وإن جاء هذا الضمان بشروط لا تزال غير مؤكدة. على المدى الطويل، سيكون لدى الشركات الصينية حافز كبير للاستثمار في سوريا، وهي النتيجة التي سعت إليها الحكومتان الصينية والسورية على ما يبدو. ستستفيد الشركات الصينية من مزايا متعددة في سوريا، منها:
- القدرة على العمل في سياقات حساسة ومتأثرة بالصراع، يسهِّل عملها ضعف المؤسسات والفساد المستشري.
- حاجة سوريا الهائلة للدعم الأجنبي، مما قد يدفع النخب المحلية ووسطاء السلطة المرتبطين بنظام الأسد لقبول الشروط التي تحترم المستثمرين الأجانب.
- سوق خال من المنافسين الغربيين بسبب العقوبات.[29]Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations
مع ذلك، إذا أرادت سوريا جذب المستثمرين، فسوف ستحتاج إلى زيادة القدرة الاستيعابية للسوق المحلي (على سبيل المثال، عن طريق زيادة القوة الشرائية للسوريين أو الانخراط في إعادة الإعمار) أو إنهاء عزلتها الإقليمية لجعلها مُصدِّرًا فعالاً للسلع المصنعّة.
السفير الصيني في سوريا “فنغ بياو” ووزير الصحة السوري “حسن الغباش” يحضران حفل تسليم المساعدات في وزارة الصحة السورية في الثالث من شباط/فبراير 2022. الصورة من وكالة شينوا.
من غير المناسب الحديث عن نهج صيني موحد لإعادة الإعمار في سوريا. بدلاً من ذلك، تشير الأدلة المتاحة إلى نهج مؤلف من شقين، يجمع بين درجة معينة من الدعم الحكومي وبذل الجهود لتهيئة مناخ جذّاب لاستثمارات القطاع الخاص. في الوقت الراهن، يبقى مدى تحقيق أي من المقاربتين موضع تساؤل، كما هي الحال بالنسبة إلى رغبة الصين في ضمِّ سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق، مثل استخدامها كطريق إلى ميناء يطل على البحر الأبيض المتوسط كميناء طرابلس في لبنان، الأمر الذي يتطلب سكك حديدية واسعة وإعادة تأهيل الطريق السريع.[30]Samuel Ramani (2020), “How are Russia and China responding to the Caesar act?” Middle East Institute في نهاية المطاف، سيكون من المهم أن نفهم أنَّ انخراط الصين مع سوريا بعد الحرب من المرجَّح أن يركز على المصالح الاستراتيجية والاقتصادية المشتركة، وليس أولويات إعادة الإعمار الإنساني في حد ذاتها. تتراوح تقديرات التكلفة لإعادة إعمار سوريا من 250 مليار إلى 400 مليار دولار أمريكي. إلى الآن، لا يوجد دليل على أن بكين -أو أي جهة فاعلة أخرى- مستعدة لدفع هذه الفاتورة.
References[+]
↑1 | SANA (2022), “Syria, China sign MoU in framework of Silk Road Economic Belt Initiative,” and OECD (2018), “China’s Belt and Road Initiative in the Global Trade, Investment and Finance Landscape,” |
---|---|
↑2 | في حين أنه في الإمكان مناقشة طبيعة هذا الدعم، إلا أنه يمكن القول أن تعريفه بصرامة أو بشكل ضيق لن يكون مفيداً. إن التمويل الغربي يوصف غالباً بأنه “إنساني” بالفعل، حتى عندما يكون مقدماً خلال تيارٍ غير إنساني كالدعم التنموي. |
↑3 | تم بحث هذه القضية بعمق في كتاب كارستن ويلاند ” سوريا وفخ الحياد: معضلات تقديم المساعدات الإنسانية من خلال الأنظمة العنيفة”. Carsten Weiland’s Syria and the Neutrality Trap: The Dilemmas of Delivering Humanitarian Aid through Violent Regimes |
↑4 | الجدير بالذكر أن بعض المانحين الرئيسيين يختارون صراحةً العمل وفقًا لرغبات الحكومة السورية التي يعتبرونها السلطة القانونية السيادية في البلاد. هذا الرأي هو الاستثناء. |
↑5 | تستند هذه التقديرات إلى الالتزامات العلنية التي أُعلن عنها من قبل الدولة الصينية أو الحكومة السورية أو كلاهما. بشكل حاسم، الافتقار إلى الشفافية يعيق التحقق المستقل، ويستحيل التحقق من العديد من الالتزامات، نظرًا للمتابعة المحدودة من قبل الكيانات الحكومية المعنية والغموض الذي يحيط بالمشاريع المدعومة. انظر الروابط في مجموعات البيانات أدناه. انظر أيضاً:
An Baijie (2017) “Xi says more help on way for Syria refugees,” China Daily |
↑6 | يمكن الاختلاف على تحديد النقطة على التي تحولت منها الانتفاضة السورية إلى صراع. من أجل مقاصد هذه الورقة، “سوريا زمن الحرب” تشمل المظاهرات الشعبية التي شكلت بداية الانتفاضة، لكنها سبقت أعمال العنف واسعة النطاق. |
↑7 | No Author (2021) “AidData’s Global Chinese Development Finance Dataset, Version 2.0,” Aid Data |
↑8 | Financial Tracking Service, “Syrian Arab Republic 2021,” UN-OCHA المبلغ هو ترتيب من حيث الحجم أصغر من مساهمة ، على سبيل المثال ، من الجهات المانحة المؤسسية مثل شركة إدارة الأصول الأمريكية BlackRock ، والتي ساهمت بمبلغ 424300 دولار أمريكي. |
↑9 | (2017) Baijie |
↑10 | Xinhua (2017), “China to donate humanitarian aid to Syria worth $16m,” The State Council of the People’s Republic of China |
↑11 | (SANA (2017), “Syria and China agree to a technical and economic agreement,” (AR |
↑12 | Haifa Said (2018), “China’s humanitarian contribution to Syria adds to its int’l profile,” China.Org.Cn |
↑13 | (World Health Organisation Regional Office for the Eastern Mediterranean (2022 |
↑14 | SANA (2021), “Syria receives half million doses of China’s Sinopharm COVID-19 vaccine |
↑15 | Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations |
↑16 | عبارات التنازل التي رددها سفير سوريا القلق “عماد مصطفى” للصين. انظر:
Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations,” and Dan Hemenway (2018), Chinese strategic engagement with Assad’s Syria,” Atlantic Council |
↑17 | SANA (2019), President al-Assad: The Belt and Road Initiative” constituted worldwide transformation in international relations… There will be no prospect for US presence in Syria |
↑18 | Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations,” and Harvey Morris (2018), “China extends helping hands to rebuild Syria,” China Daily |
↑19 | تشير المصادرالرئيسية أن ما يسمى بالاتفاقيات السرية بين الصين والحكومة السورية ممكنة، كما شوهد في الدول الأخرى المنتسبة لمبادرة الحزام والطريق. Syria Report (2017), China offers first grant to Syria since 2011 |
↑20 | Syria Report (2022), Report: Syria’s industrial cities |
↑21 | Syria Report (2019), “China to set-up permanent trade centre near Damascus |
↑22 | من المحتمل أن تشير هذه المطالبات إلى اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتقني الموجودة. |
↑23 | Christopher Phillips (2022), “Syria: Joining China’s Belt and Road will not bring in billions for Assad,” Middle East Eye |
↑24 | يمكن الاطلاع على مراجعة شاملة لظروف العمل هنا: World Bank Group (2020), “Doing Business 2020: Syrian Arab Republic |
↑25 | Katherine Nazime and Alexander Decina (2019), “No business as usual in Syria,” Carnegie Endowment |
↑26 | Sinan Hatahet (2019), “Russia and Iran: Economic influence in Syria,” Chatham House |
↑27 | SANA (2019), President al-Assad: The Belt and Road Initiative” constituted worldwide transformation in international relations… There will be no prospect for US presence in Syria |
↑28 | Steve Stecklow, Babak Dehghanpisheh, James Pomfret (2019), Exclusive: New documents link Huawei to suspected front companies in Iran, Syria |
↑29 | Syria Report (2021), “Report: Syria-China Economic Relations |
↑30 | Samuel Ramani (2020), “How are Russia and China responding to the Caesar act?” Middle East Institute |